أخبار وتقارير

رحيل الكاتب والسياسي السوري حسن النيفي

رحيل الكاتب والسياسي السوري حسن النيفي

 

الخابور

توفي الكاتب والسياسي السوري حسن النيفي يوم الخميس، في العاصمة الفرنسية باريس، بعد أيام قضاها في العناية المركزة داخل المشفى إثر وعكة صحية تعرض لها. ونعاه مثقفون وشعراء وإعلاميون سوريون، مذكرين بصراع مرير عاشه في السجون ضد نظام الأسد لسنوات.

يتحدر النيفي من مدينة منبج في ريف حلب الشرقي، ولد فيها عام 1963، وترعرع في أسرة ريفية، في المدينة التي اشتهرت بشعرائها، ومنهم عمر أبو ريشة وأبو فراس الحمداني والبحتري، حيث مزجت المدينة ما بين تراث البدو والحياة الحضرية.

وتأثر النيفي ببيئة مدينته، ليدرس الأدب العربي في جامعة حلب، التي التحق بها في عام 1983، وأصدر الديوان الشعري الأول له خلال دراسته في السنة الثالثة ضمن الجامعة عام 1985، حيث عاصر فترة بطش نظام حافظ الأسد خلال فترة الثمانينيات في المدن الكبرى، ولا سيما حلب. وفي عام 1980، ذكر أنه عاش تطويق دبابات النظام مدينة منبج، حيث اعتقل جيش 

وبعد عام من صدور ديوانه الشعري الأول، اعتقل النيفي في عام 1986، بعد نشاطه السياسي وانضمامه إلى حزب البعث بجناح القيادة القومية في العراق آنذاك، وتحدث عن تجربة اعتقاله من المدينة الجامعية، حيث قال في فيديو له: "حين جرى اعتقالي كنت طالباً في كلية الآداب في السنة الرابعة بجامعة حلب، واعتقلت من المدينة الجامعية. في الساعة الحادية عشرة ليلاً حضرت عناصر المخابرات، طوقوا الوحدة السكنية، ثم دخلوا إلى غرفتي واعتقلوني. في البداية لم أكن أعرف السبب، وقالوا إن الأمر لا يتجاوز ربع ساعة، حتى إنهم لم يتركوا لي الوقت الكافي لارتداء ملابسي بشكل مناسب".

وتابع: "عندما خرجت ورأيت العناصر الأمنية يحملون السلاح وقد طوقوا المدينة الجامعية، أدركت أن المسألة ليست ربع ساعة كما قيل. أمضيت خمس سنوات في سجن حلب المركزي، وأربع سنوات في سجن عدرا، أي تسع سنوات في تلك المرحلة. صحيح أنها كانت مرحلة قاسية من السجن، لكنها مقارنة بالمرحلة اللاحقة في سجن تدمر العسكري تبدو أسهل بكثير".

وأمضى النيفي في سجن تدمر ست سنوات، وهي السنوات الأخيرة من مسلسل الاعتقال المرير الذي عاشه، في السجن الذي لا يقارن بأي سجن آخر كما وصف، وعبّر عن ذلك بالقول إن النظام لا يرسل أحداً إلى سجن تدمر إلا إذا كان دمه مهدوراً، أي إن قتل السجان لأي سجين أمر مباح، مشيراً إلى أن عمليات الإعدام وقتها كانت تجري يومي الأحد والأربعاء في سجن تدمر، وقال: "كثير من زملائنا كانوا ينظرون من ثقوب الأبواب ويرون خشبات المشانق وهي تنصب، ويشاهدون كيف تتم الإعدامات".

وأمضى النيفي في سجون نظام الأسد نحو 15 عاماً، ليفرج عنه في عام 2001، وقد بلغ من العمر حينها 38 عاماً، وكان ضمن الدفعة الأخيرة من سجناء تدمر الذين نقلوا إلى صيدنايا في 11 أغسطس/ آب، حيث اعتقل هناك ثلاثة أشهر قبل الإفراج عنه، ليفجع بعد الإفراج عنه بوفاة والدته، وبعد خروجه من المعتقل صدرت له مجموعتان شعريتان، هما "رماد السنين 2004" و"مرافئ الروح 2010".

ومع اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، انضم النيفي إلى مجلس محافظة حلب الحرة ما بين عامي 2013 و2014، وبعدها عمل نائباً لرئيس حزب النداء الوطني الديمقراطي، وقاد الحزب وقتها نبيل قسيس، وعمل أيضاً رئيساً للمكتب السياسي فيه، خلال إقامته في مدينة غازي عينتاب التركية منذ بداية عام 2014، التي وصل إليها بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة منبج.

وأقام النيفي في مدينة غازي عنتاب التركية حتى أواخر عام 2022، ليغادرها إلى فرنسا، حيث تابع حراكه السياسي فيها ضد نظام بشار الأسد حتى سقوطه، وكتب في مقال له بذكرى انطلاق الثورة السورية ضد نظام الأسد بعد سقوطه: "لا شك أن عملية (ردع العدوان) جسدت نقطة تحول نوعي في مسيرة هيئة تحرير الشام، ولكي يكون هذا التحول شاملاً لسورية جميعها فهو يحتاج إلى جهود كل السوريين".