الخابور
أصدرت منظمة "أنقذوا الأطفال" تقريراً، اليوم الخميس، يؤكد أن عدد ضحايا الأطفال بالمتفجرات ومخلّفات الحرب في سوريا بلغ أعلى مستوى له خلال خمس سنوات.
قصة الشقيقين أسامة (6 أعوام) ويوسف (10 أعوام) تختصر حجم المأساة. فقد عادت عائلتهم قبل ستة أشهر إلى منزلها قرب إدلب لترميمه بعد سنوات من النزوح، ونصب والدهم خيمة يقيمون فيها مؤقتاً. وبينما كان الأطفال يلعبون، انفجر لغم أرضي فأصيب أسامة ويوسف بجروح بليغة وفقدا ساقيهما، فيما قُتل شقيقهما خالد (8 أعوام). واضطرت العائلة بعدها للعودة إلى مخيم نازحين شمالاً، حيث كانت قد أمضت ست سنوات.
تقول المنظمة إن الألغام والذخائر غير المنفجرة ما تزال مشكلة كبرى في سوريا، رغم وقف النزاع في كانون الأول 2024. وقد عاد هذا العام نحو 1.2 مليون لاجئ و1.9 مليون نازح، إلا أنّ المخاطر باقية؛ إذ قُتل 165 طفلاً وأُصيب 423 آخرون العام الماضي، وفق أرقام "هالو ترست". ووصل العدد الإجمالي للضحايا إلى 1592، بينهم 585 قتيلاً، وهو أعلى رقم منذ خمس سنوات، وسط غياب سجل مركزي دقيق.
والد الأطفال، غسان (35 عاماً)، الذي فقد أحد أبنائه سابقاً وتعرّض لإصابة أفقدته إحدى عينيه، يقول إنه لم يعد يرى إمكانية للعودة: "المنطقة شديدة الخطورة. أسرتي تدمرت، وزوجتي منهكة. أطفالنا يعيشون في خيمة صغيرة، وأسامة ما يزال يحاول المشي وينسى أنه بلا ساق". ويضيف أن المدرسة في المخيم هي المكان الوحيد الذي يمنح الأطفال أملاً، مع زيارات أسبوعية للمستشفى للعلاج الفيزيائي.
وتشير المنظمة إلى تراجع التمويل الدولي هذا العام، ما يهدد استمرار المدارس في المخيمات وبرامج التوعية بمخاطر الألغام، إضافة إلى الدعم المخصص للضحايا وتوفير الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي. ويشكّل الأطفال 43% من إجمالي ضحايا المتفجرات، بينما لم يُموّل نداء إزالة الألغام لعام 2024 إلا بنسبة 13% من أصل 51 مليون دولار.
مديرة المنظمة في سوريا، رشا محرز، أكدت أن مخلفات الحرب ما تزال تهدد الأطفال يومياً رغم توقف الأعمال العسكرية، ودعت إلى توسيع برامج إزالة الألغام وزيادة التمويل، وضمان عودة آمنة للعائلات. كما طالبت الحكومة السورية بتسريع تحديد المناطق الملوّثة وتنظيفها، والمجتمع الدولي بزيادة الدعم لعلاج المصابين بالأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي وتدريب الطواقم الطبية، والحفاظ على حق الأطفال المصابين في التعليم الشامل.