سياسي

العدالة تقترب من سوريا.. الأمم المتحدة تكشف حجم التقدّم في ملاحقة مجرمي الحرب

العدالة تقترب من سوريا.. الأمم المتحدة تكشف حجم التقدّم في ملاحقة مجرمي الحرب

 

الخابور

أكد رئيس "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة بسوريا"، روبرت بيتي، أن العدالة لم تعد مجرد طموح نظري أو هدف سياسي بعيد المنال، بل أصبحت "فرصة ملموسة" في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها سوريا.

جاء ذلك خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء 29 نيسان 2025، حيث قدّم بيتي تقريراً مفصلاً عن أعمال الآلية، تضمن تحديثات على التقدّم المحرز في دعم التحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بالجرائم المرتكبة في سوريا منذ عام 2011.

واعتبر بيتي أن سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024 شكّل "لحظة مفصلية في تاريخ البلاد"، منهياً أكثر من 13 عاماً من الصراع، ونحو نصف قرن من الحكم الاستبدادي.

وأشار إلى أن الآلية تمكنت لأول مرة منذ تأسيسها، في كانون الأول الماضي، من إجراء زيارة رسمية إلى سوريا، بدأت خلالها "حواراً بنّاءً" مع السلطات السورية، مثنياً على الإجراءات التي اتُّخذت لحماية البيانات وتنظيم الوصول إلى مواقع تحتوي على أدلة قد تسهم في تحديد المسؤوليات الجنائية.

وذكر أن عام 2024 شهد تنفيذ 154 نشاطًا لجمع البيانات، ما وسّع المستودع المركزي للآلية إلى 280 تيرابايت من الأدلة، دعمت بشكل مباشر ملاحقات قضائية في عدة دول، وأسفرت عن إصدار مذكرات توقيف بحق الجناة.

وبيّن بيتي أن الآلية تلقت حتى الآن 466 طلب مساعدة من 16 ولاية قضائية تتعلق بـ321 تحقيقاً منفصلاً، مشيراً إلى أن الدعم الذي قدمته الآلية كان أساسياً في التحقيقات الفرنسية التي أفضت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد، وشقيقه ماهر، وثمانية مسؤولين كبار آخرين، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وشدد رئيس الآلية على أن العدالة في سوريا يجب أن تركز على الضحايا والناجين، قائلاً: "في قلب كل وثيقة وشهادة وتحليل، هناك أشخاص، كثيرون منهم فُقدوا، وآخرون نجوا، ولكل منهم الحق في العدالة".

فجوة تمويل تهدد استمرار العمل

رغم ما أُنجز، حذر بيتي من اتساع فجوة التمويل التي بلغت 7.5 مليون دولار للعام 2025، مشيراً إلى أنها قد تؤثر سلباً على عمل الآلية، قائلاً: "التحقيقات تباطأت، وتأخرت المساعدات، ولم نتمكن من إعطاء الأولوية لعدد من فرص العدالة".

ودعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تقديم دعم مالي متعدد السنوات، معتبراً أن "العدالة الانتقالية في سوريا يجب أن تكون شاملة، ويقودها السوريون أنفسهم، ويحدّدون من خلالها ما تعنيه العدالة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية".

وختم بيتي كلمته بالتأكيد على أن المساءلة لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن استجابة شاملة للتحديات التي تواجهها سوريا اليوم، مشدداً على ضرورة التزام المجتمع الدولي بدعم جهود العدالة والإنصاف للسوريين.