الخابور - خطاب شيحة

أحمد حاج محمد، اسمٌ دوَّى باكراً في سماء الحريَّة حين أطلق صرخته المخضَّبة بألوان علم الثورة السُّوريَّة وعندما أسرجَ جسده بالثبات والإقدام لروحه المؤمنة بحرية السُّوريِّين في إدارة سورية الحضارة.

وكنهر الفرات مشى بخطواته الواثقة، باتجاه المدرسة التي كان قد علَّم بها أطفال بلدة القورية في شرق دير الزور، وهو ينثر شعارات الحريَّة على مسامع الناس كيف يكون الإنسان ناجحاً من أجل وطنه.

في ذاك اليوم أراد توجيه رسالته الحرَّة من المدرسة ذاتها، فتقدَّم بإصرار الثائر إلى قلب المدرسة، والحرية تتطاير من فمه نديَّةً على مسامع تلاميذه ليعلمهم أهمَّ درسٍ من دروس الإخلاص لسورية الحرة كما يراها الأستاذ أحمد، يعلّمهم بأنَّ الحرية تُؤخَذ بالفعل النضالي رغماً عن أنف الظالم، ومن واجبه إعطاء هذا الدَّرس على مرأى كلِّ الكادر التدريسي والتلاميذ، فبدأ بتنظيف جدران المدرسة من صور الديكتاتور بشار الأسد وأبيه حافظ الأسد اللذَيْن اغتصبا الحرية الإنسانية في سورية خمسين سنة.

في تلك اللحظة أتمَّ أحمد رسالته التعليمية لجيلٍ أحبَّه لأنَّه حبَّب لهم الحرية، وفي اللحظة ذاتها صنع أولى مواده الإعلاميَّة قولاً وفعلاً فحرَّر جدران المدرسة من الأحمال المتمثلة بصور مسوخ مغتصبي مفاتن السلطة في سورية؛ لتتنفَّس الجدران حريتها من بين أصابع يديه.

لم يكن ذلك الدرس الوحيد، بل استمرَّ الأستاذ أحمد أبو مريم يستلّ من جعبته الدروس البطولية، ويرمي بها الدرس تلو الدرس دفاعاً عن ثورة السُّوريين حتى كان آخرُ السهام التي رمى بها منتصراً للثورة، موتَه في مدينة جرابلس بازمة قلبية إلى جانب آلاف المهجَّرين من كلِّ بقاع سورية، مع من هم مثله، ممَّن رفضوا العيش بخنوع تحت سيطرة العصابة الأسدية وداعميه من الروس والايرانيين وميليشيا حزب الأتحاد الديمقراطي " ب ي د " .

تلك كانت أنصع الصُّور لثائرٍ سوريٍّ ضلَّ يعطي دروس الكرامة والحرية حتى آخر رمق ثوري قبل أن يرحل ليتحد جسدُه مع تراب وطنه الحر، بينما ضلَّ صوتُه يردِّد: عاشت سورية حرة، الحريَّة للسُّوريِّين؛ ليجيبه السُّوريُّون: الرَّحمة لروحك الثائرة يا أحمد.