الخابور - عمران حمدان 

أظهرت الحرب السورية، بسبب المساحات الواسعة التي اندلعت عليها المعارك، أنّ في سورية المئات من آبار النفط والغاز، والتي لم يكن يعلم السوريون عنها شيئاً، وكان أكثر ما يدرسه التلاميذ في المدارس هو حقل "الرميلان" النفطي وحقل "السخنة" بتفرعاته، وكانت هذه الموارد لا تدخل بالموازنة العامة للدولة، بل تذهب إلى جيوب عائلة "الأسد" كما هو معروف لكلّ السوريين، وبلغ إنتاج سوريا من النفط عام 2010 م حوالي 400 ألف برميل يومياً، كان يتم استهلاك 250 ألف برميل محليا ويصدر الباقي، ويقدر خبراء اقتصاديون أنّ النظام كان يحصل على 5 مليارات دولار سنوياً من النفط، لكن بالطبع هذه المليارات كانت تصب في خزينة عائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ عام 1970.

كيف سيطر "ب ي د" على حقول النفط والغاز؟

مع بدء التحالف الدَّولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، شنُّ غاراته الجوية على مواقع التنظيم، كان من الضروري إيجاد أداة تحقق للولايات المتحدة الأمريكية طموحاتها وأطماعها بالسيطرة على النفط السوري تحت شماعة محاربة الإرهاب، فوضع التحالف الدّولي الرايات الصفراء مكان الرايات السوداء، بعد أن قام بتسليح حزب الاتحاد الديمقراطي(ب ي د) الذي يسعى هو الآخر لإقامة كيان خاص به في الشمال الشرقي لسورية، فكان هذا الحزب بمثابة الخادم المطيع للولايات المتحدة الأمريكية، ونجح بالسيطرة على أغلب المناطق النفطية في محافظة الحسكة، بعد أن سلّم نظام الأسد  كامل حقول رميلان في أقصى شمال شرقي سورية، بالإضافة إلى مصفاتها النفطية لـ "ب ي د" قبل بدء التحالف الدولي، حيث  يقدر بعض الخبراء عدد الآبار النفطية التابعة لحقول رميلان بقرابة 1322 بئراً، أمّا  الحقول الواقعة في مناطق الشدادي والجبسة (حقل غاز ونفط) والهول، والحقول الواقعة بالقرب من مركدة وتشرين كبيبة، الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي، فقد سيطر عليهم "ب ي د" بدعم من التحالف الدّولي تحت شعار الحرب على الإرهاب.

أمّا في محافظة دير الزور، فكانت القسمة واضحة بين روسيا وأمريكا من خلال تحديد نهر الفرات كخط يفصل بينهما، يحاول كل منهما تجاوزه بالوقت الحالي للحصول على النصيب الأكبر من النفط، من خلال دعم طرف عسكري على آخر، علما أنّ الطرفين وهما "قسد" وقوات النظام لا يمثلان الشعب السوري.

سيطرت عصابة  "قسد" في العام الماضي على أغلب مناطق سيطرة تنظيم "الدولة" شمالي الفرات وشرقه، تحت مظلة محاربة الإرهاب، بعد أن رفضت الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدّولي، تكليف الجيش الحر في قيادة المعركة ضد التنظيم في دير الزور، فسيطرت على كل من حقل العمر النفطي قرب بلدة البصيرة، الذي تحول إلى قاعدة أمريكية كبيرة في الوقت الحالي وينتج 80 ألف برميل يومياً، إضافة لحقل التنك النفطي في بادية الشعيطات شرقي دير الزور، كما يسيطر على محطة نفط الخراطة 20 كم جنوب غرب مدينة دير الزور ومحطة نفط ديرو 40 كم شمالها.

 وتحاول أمريكية من خلال شماعة الحرب على الإرهاب تسديد فاتورة مشاركتها بالحرب في سوريا، من خلال السيطرة على حقول النفط عبر دعم مليشيات عسكرية هي واجهة لحزب إرهابي يسعى لتأسيس كيان خاص فيه شمالي شرقي سوريا، إضافة إلى تركيز قواعد عسكرية بالمنطقة تجعلها مشرفة على كل المنطقة وسط كل من تركيا والعراق والأردن وفلسطين المحتلة، تضمها لسلسلة قواعدها المتواجدة بالعراق والخليج العربي.

ومع طول أمد الحرب في سوريا، لا يمكننا تجاهل الأسباب التي تدفع الأسطول الروسي بأن يولي وجهه نحو حوض المتوسط، ويرمي بكل ثقله وقوته من أجل الدفاع عن نظام الأسد، ولا نستطيع أن نبرر التواجد الأمريكي في سوريا إلا من أجل هذه الآبار، فالولايات المتحدة الأمريكية كانت ومازالت سبباً في بقاء الأسد في السلطة بسكوتها عن جرائمه، ودعمها لعصابات "ب ي د" التي طالما ساندت النظام ضد فصائل الثورة السورية.

المصدر مجلة الرحى