الخابور

رأى تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن خطوة التطبيع العربي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد كانت "كارثية" وتسببت بنتائج عكسية على الأوضاع، سواء داخل سوريا أو في المنطقة بشكل عام.
وقال التقرير، الذي كتبه الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن شارلز ليستر، إن الجهود التي بذلتها الدول العربية لإخراج الأسد من عزلته وجعل نظامه لاعباً مسؤولاً جاءت بنتائج عكسية تماماً.
وأضاف أن الأمر لم يقتصر على فشل تلك الدول في إقناع الأسد بتقديم أي تنازلات، بل أيضا تفاقمت كل جوانب الأزمة السورية منذ مشاركة الأسد في القمة العربية التي جرت في السعودية في 2023.

أولويات لم تُنفذ

ورأى ليستر ان المبادرة التي أدت الى عودة سوريا للحضن العربي تضمنت خمس أولويات أساسية يتعين إنجازها من خلال ما يعرف باسم "لجنة الاتصال الوزارية العربية" الخاصة بمواصلة الحوار مع النظام السوري.

تضمنت النقاط الخمس، زيادة وتوسيع نطاق تسليم المساعدات الإنسانية في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين على نطاق واسع، وإنهاء إنتاج وتصدير المخدرات غير المشروعة من سوريا، واستئناف عمل اللجنة الدستورية والتوصل لحل سياسي بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن إنشاء هيئة أمنية دولية لتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب في سوريا.
ومنذ ذلك الوقت، اجتمعت اللجنة عدة مرات، لكن العمل على جميع القضايا الخمس لم يبدأ على الإطلاق. وقال الكاتب إن عملية "خطوة بخطوة" المتصورة للتنازلات المتبادلة لم تذهب إلى أبعد من موجة زيارات رفيعة المستوى مع الأسد منذ أوائل 2023 وصولا إلى عودته إلى جامعة الدول العربية.
وعندما يتعلق الأمر بالعملية السياسية، فلم يتم إحراز أي تقدم فحسب، بحسب ليستر، بل إن اللجنة الدستورية أصبحت الآن ميتة فعلياً، وقد أبلغ الأسد الدول العربية مراراً وتكراراً برفضه المشاركة في أي عمليات مستقبلية".
وفي ما يتعلق بالمساعدات، فلم يبقَ وصولها مقيداً كما كان في السابق فحسب، بل انخفضت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال 2023، في حين أوقف برنامج الأغذية العالمي بالفعل جهوده بالكامل في سوريا على الرغم من أن 90% من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر.
وفي الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون السوريون يرفضون العودة إلى البلاد في ظل حكم الأسد، حيث تشير استطلاعات الأمم المتحدة إلى أن واحداً في المئة فقط يفكرون في العودة مستقبلاً إذا استمرت الظروف الحالية. 

تصدير المخدرات تضاعف

بالمقابل، قال الكاتب إن "تجارة المخدرات، التي يرعاها ويحميها النظام، مستمرة على قدم وساق، حيث يتم تصدير ما قيمته مليارات الدولارات من حبوب الكبتاغون المخدرة عبر المنطقة، باستخدام طرق التهريب المحلية والإقليمية والعالمية عن طريق البر والبحر"، مضيفا أن معدل أنشطة التهريب، التي يسهلها النظام على الحدود الأردنية، تضاعف ثلاث مرات في الأشهر ال12 الماضية.

ولم تستمر تجارة المخدرات التي يمارسها النظام فحسب، بل تنوعت لتشمل الآن مادة الكريستال وكذلك تهريب الأسلحة بواسطة الطائرات المسيرة ومجموعات مهربين مدججين بالسلاح ومرتبطين بإيران ووكلائها في المنطقة.
ورأى الكاتب أن الملف السوري لم يحظَ باهتمام كبير في الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية، على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن شجعت بهدوء عودة العلاقات العربية مع سوريا ومنعت الكونغرس فعلياً من المضي قدما في تشريع قانون مكافحة التطبيع مع نظام الأسد، مضيفاً أن واشنطن رغم أنها تعارض التطبيع من الناحية النظرية، إلا أنها لم تفعل شيئا يذكر لوقفه.

الأزمة بلا حل

وفي ظل الوضع الحالي، من المقرر أن ينتهي مفعول قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2024، مالم يتم تجديد العمل به من قبل الكونغرس، ومن دونه ستكون الحكومات والكيانات في جميع أنحاء العالم حرّة في المشاركة والاستثمار في نظام الأسد.

في نهاية المطاف، وبعد أكثر من 13 عاما، قال الكاتب إن الأزمة السورية لا تزال دون حل تماما، في حين أصبحت الظروف داخل البلاد أسوأ من أي وقت مضى، وتستمر في التدهور. كذلك فشلت الجهود الإقليمية الرامية إلى دفع الأمور إلى الأمام "فشلاً ذريعاً لأنها كانت مدفوعة بافتراضات خاطئة".
ورأى أن "هذا لا يعني أن الطرق الدبلوماسية عديمة الفائدة، ولكنها لن تنجح إذا تم منح النظام السلطة دون قيد أو شرط منذ البداية". بالتالي شدد الكاتب على أن سوريا بحاجة لجهود جماعية وإرادة دولية جادة واهتمام أميركي للخروج من أزمتها الكارثية.

المصدر : المدن