الخابور - الدكتور نذير الحكيم

 

الاعتقال التعسفي هو انتهاك للحق في الحرية …هكذا تعرف المعاهدات الدولية والقانون الدولي " الاعتقال التعسفي"، ولكن في سورية جميع القوانين لا تحمي الفرد بأي طريقة، كاملة أو حتى جزئية، فالاعتقال في سورية يجري بطريقة غير طبيعية وغير عادلة وغير متوقعة والمعتقل محروم من الدفاع عن نفسه وهذا ما يفسر ظروف الاختفاء القسري وغيره من ضروب المعاملة غير الإنسانية والقاسية، ناهيك عن التعذيب والتصفية في المحصلة.

 وما يجري في سورية من احتجاز تعسفي حيث الفرد لا يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية وأسباب الاعتقال غير قانونية ولم يمثل المعتقل أمام قاضٍ ولم يتم إعلام ذويه عن مصيره وهكذا هو الحال في سورية، الشعب متهم بنظر السلطة التي تستولي على الحكم وليس للشعب من حقوق. ومن مجزرة حماة ليومنا هذا جرت إعدامات ميدانية خارج نطاق القضاء كذلك في عقد الثورة السورية جرت مجازر إبادة جماعية بحق معتقلين ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بالحرية. 

 إن نمط سلوك وتصرفات نظام الأسد ومسؤوليته في احتجاز الرهائن والاعتقالات التعسفية تشير إلى جرائم ضد الإنسانية وهذا المفهوم مهم من الناحية القانونية لتطبيق فقه الجرائم ضد الإنسانية في هذا السياق، كما يفتح سبل المساءلة بالنظر إلى أحكام مبدأ التسليم أو المحاكمة للجرائم ضد الإنسانية التي سنتها العديد من الدول. كما أن الوضع في سورية لا يحتاج إلى نظرة ثاقبة لمعرفة ما يجري من احتجاز واعتقال وتعذيب من قبل الحكومة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ودون الحماية القانونية لمحاكمة عادلة، رغم وجود بعض المناطق الرمادية التي شجعت نظام الأسد على كل ما ارتكبه في حق الشعب السوري من مبدأ "الشعب يعيش في مزرعتنا". بالنسبة للمحتجزين بدون تهمة، كيف يتم حل الوضع؟

يُفرج عن المحتجزين بدون تهمة بعد قضاء أيام أو أسابيع أو شهور رهن الاحتجاز. ومع ذلك، لم يتم الإفراج عن آخرين ويتعين على المجتمع الدولي توكيل محامين وقانونيين بإشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن للتوجه إلى المحكمة العليا للأمر بإحضارهم في المحكمة. هذا على أساس الدستور، الذي ينص على حق المثول أمام القضاء -عندما يتم احتجاز شخص ظلماً ويتم تقديم طلب للحصول على أمر من المحكمة لإحضار السجين.

  والتدقيق في حالات تمت فيها محاكمة بعض الذين لم يُفرج عنهم، ولا سيما أولئك الذين اعتقلهم الجيش أمام المحاكم، ولا سيما المحاكم العسكرية بتهم ملفقة. وهناك العديد من التدخلات التي يمكن تنفيذها لحماية حقوق المدنيين. 

أما ثانياً: يجب أن تتوقف ثقافة الإفلات من العقاب. يجب محاسبة ضباط الشرطة والجيش الذين ينتهكون حقوق الإنسان. كما أصبح الجيش حزبياً طائفياً بشكل متزايد. 

ونظراً لعدم وجود ما يشير إلى أن مدير النيابة العامة مستعد أو قادر على مقاضاة المتورطين في هذه الجرائم الشنيعة، فقد يتعين على المحكمة الجنائية الدولية التدخل، وعلى أساس المسؤولية القيادية أو مسؤولية الرئيس، والمسؤولين العسكريين. وإلا فإن الدول الأخرى يجب أن تكون مستعدة للتذرع بقوانينها الخاصة بالولاية القضائية العالمية لمحاسبة هؤلاء الضباط. وذلك لأن جرائم التعذيب والاختفاء القسري هي جرائم بموجب القانون الدولي. وعلى المجتمع الدولي حماية حقوق الشعب السوري المعزول لغاية اليوم في سجون الأسد والمحروم من العالم الخارجي أمام محاكم لا تتمتع بأي استقلالية فاقدة للشرعية انتزعت الاعترافات من المدنيين عبر شتى أنواع التعذيب.