نهاد علي أوزجان - صحيفة ملليت - ترجمة وتحرير ترك برس

في خطابه بأول أيام العيد، تناول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مسألة الأسلحة التي منحتها الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، وقال: "من يعتقدون أنهم يخادعون تركيا بالقول إنهم سيسترجعون الأسلحة التي منحوها للتنظيم الإرهابي، سيدركون أنهم ارتكبوا خطأً كبيرًا".

تتزايد كمية الأسلحة والمعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لحليفها حزب الاتحاد الديمقراطي، وتتغير نوعيتها مع توسع عملية الرقة. القدرات العسكرية والتقنية هذه لا تتناسب مع علاقات التحالف بين أنقرة وواشنطن، ولا المعايير القانونية ولا المبادئ السياسية والأخلاقية.

في الحقيقة، يدرك المسؤولون الأمريكيون إشكالية قراراتهم، ولهذا يسعون لتبني خطاب "تهدئة خاطر" تركيا، ويؤكدون على إبلاغ أنقرة وتقديم قائمة الأسلحة لها ومراقبة الذخائر واسترجاع الأسلحة بعد العملية.

ينبغي التركيز على ثلاث نقاط من أجل فهم أن أردوغان محق في موقفه. أولًا، من المفيد النظر إلى التجارب التاريخية وثقافة التنظيم لدى حزب العمال الكردستاني. فالحزب حل مشكلة الحصول على السلاح والذخيرة على مدى أربعين عامًا باستغلال الفرص الناجمة عن الحروب والأزمات الإقليمية. ومنها الأزمة اللبنانية (1979-1992)، الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، نزاع الحكومة العراقية من الحزب الديمقراطي الكردستاني (1989-1990)، حرب الخليج الأولى (1990)، الاحتلال الأمريكي للعراق (2003)، الحرب الداخلية التي اندلعت مع الربيع العربي في سوريا. واليوم أيضًا يتبع الحزب الأسلوب نفسه بسبب تنظيم داعش.

حصل حزب العمال الكردستاني على آلاف الأسلحة وأطنان الذخيرة في كل أزمة، إلى حد لن يواجه مشكلة في تأمين الأسلحة والذخائر التقليدية على مدى أعوام. تجارب وثقافة الحزب كتنظيم إرهابي جعلته شغوفًا بالمعدات العسكرية، ولهذا فهو لا يعيد الأسلحة التي يحصل عليها أبدًا. ونوعية الأسلحة والخبرة التي اكتسبها مع معركة كوباني وعملية الرقة تعزز موقفه هذا. الأسلحة المتطورة والمعلومات العسكرية ستكسب الحزب قدرة جديدة وفعالة. وفي هذا السياق، تعلم واشنطن جيدًا أن الحزب ليس "تنظيمًا خيريًّا" مستعدًّا للموت من أجلها، وأنه يريد الحصول على مقابل لخدماته في الرقة.

النقطة الثانية، هي أن ظروف الحرب الداخلية في العراق وسوريا ستستمر فترة طويلة. الحرب الداخلية تعني عدم وجود سلطة مركزية تضع القواعد وتطبقها وتوفر الأمن. ليس واضحًا متى ستنتهي الحرب، ومتى وكيف وفي أي شروط وبين أي الأطراف سوف يحل السلام. ولا شك أن من المضحك الادعاء أن الأسلحة سوف تسترجع من حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع العمال الكردستاني، في مثل هذه الأجواء من انعدام الأمن، وأن الحزب سيعيد الأسلحة "طواعية وعن طيب خاطر".

النقطة الثالثة والأخيرة، هي أن الولايات المتحدة لا تتمتع بسجل نظيف في قضية استرجاع الأسلحة والمعدات التي منحتها في الماضي. كما هو الحال بالنسبة للأسلحة التي تركتها في فيتنام، والصواريخ الدفاعية التي منحتها لمجاهدي أفغانستان، والصواريخ التي وقعت في يد داعش في العراق.

أصبح حزب الاتحاد الديمقراطي حائزًا على أسلحة متطورة (مضادات دبابات، صواريخ مضادة للطيران) ومعدات عسكرية وتجهيزات وخبرات، لا تملكها إلا الدول. وهذا الدعم بالنسبة للولايات المتحدة هو انفاق من أجل "النجاح" في سوريا، أما بالنسبة لتركيا فيعني "قلق أمني داائم، وغضب واستنكار".